أوصيك بالمعلم يا دولة الرئيس

اسم الكاتب : تامر البواليز
لا أود أن أتحدث في هذه المقالة عن ماهية التعديل والتغيير في ما يسمى رأس الحكومة ، ولكنني أود الوقوف عند جملة تحدث بها جلالة الملك في كتاب التكليف الموجه لرئيس الوزراء المكلف بتشكيل حكومة جديدة تدير البلاد والعباد ، والجملة بعينها تلك التي أشار بها جلالته إلى قضية العنف في المجتمع الأردني وخص في صلب حديثه ذاك المواطن المسحوق الذي يسمى معلم ... بعد أن أضحى صورة إستثنائية في قضية التعرض للتعنيف والضرب وعرضةً للمهانة في كل لحظة ، ولا أنكر أن مجرد إستذكار واقع المعلم الحقيقي شيء يثلج الصدور في زمن على ما يبدو أن المعلم أصبح فيه نفراً مهمشاً ، وأصبحت مهنته أو رسالته إن صح التعبير غير مرغوبة ومجرد وظيفة مؤقتة ومرهونة بالظروف كما هي الحكومات إلى حين الوصول إلى مصدر رزق أخر يجد فيها على الأقل جزءاً يسيراً من كرامته وبعيداً عن مصادرة حقوقه وهدر طاقاته في الهواء الطلق المغبر ودون أي فائدة تذكر . ولكن الذي يغيض المعلم الآن هو قضية أكبر من مجرد الحديث عن تحديد سياسة تمنح المعلم كرامته وصولته من جديد فحسب وليس أيضاً مجرد قدوم وزير أو مستوزر جديد ينادي بسياسة تحمي المعالم من تعنيف المجتمع ، بل القضية أكبر من ذلك ، فمجتمع المعلمين والمعلمات يدرك تماماً بأن الشخص الجديد القادم إلى العبدلي سيصطدم كغيره بمعضلات أشد وطأة وأكثر عدداً من تلك القضية فتجده يسهو عن ما هو هام جداً ، ومنها ما يتعلق بالمناهج العملاقة بمحتواها والقزمية بأدائها ودورها في صقل شخصية الطالب لإنها وبكل بساطة لا تبتغي سوى زج المعلومات فقط دون النظر إلى ضرورة بناء جيل واعد يعي ما حوله بكل مصداقية وخلق نشئ يمتلك الشجاعة والجرأة على مواجهة واقعه والتمرد على نير الظلم وإيقاد شموع السلام في الوقت المناسب ، لا أن تجعل منه فرداً ضعيفاً وهزيلاً ومهمشاً .. إلى أن يلتفت إلى وجهة فراغية أخرى يجد فيها قوت رغباته وشهواته اللامسؤولة وبعيداً عن مجرد الإحساس بالمستقبل القادم ، بفعل الضغط الكبير الذي تعرض له في مغريات هذا الزمان . وعلاوة على ما سبق لا نغفل عن ذكر سلبيات تتعلق بواقع المعلم والتعليم ومنها الأبنية المدرسية وأسس التعيين وإستيعاب الأعداد العملاقة من الطلبة ولكن الحدث الأبرز هو ما يتعلق بالمعلم وتقديره حق تقدير بعيداً عن المبالغة في الإمتيازات كما يحظى بها النواب والأعيان ، فهم لا يطمحون سوى بمجرد دخل يجعل منهم أفراداً قادرين على سد حاجاتهم الأساسية على الأقل ، وجميعنا يعي أن المعلمين يتقاضون أجوراً متدنية جداً تعتبر رمزية جداً في مقابل الجهود المضنية التي يبذلها هذا المسكين في عمله الذي لا يعلم مصيبته إلا الله ولا يقدرها حق تقدير إلا من سار في طريقه ، ولكن وللأسف هنالك فئة كبيرة من المجتمع تريد التغيير من وجهة تنظيرية فقط وتحريك عصاهم السحرية .. دون أن يكون لهم أدنى إحساس بضغوط الميدان الضخمة التي يحياها المعلم . لذلك أتمنى على دولة الرئيس أن يخطو ولو مجرد عتبة في سلم التطوير الطويل ، في سبيل إعادة الهيبة للتعليم والمعلم ولتكن البداية من خلال إختيار وزير يعلم تماماً جميع الجوانب السلبية في الميدان التربوي ، وأن يضع حلولاً توافق العقل والمنطق .. لا أن يضع كالسلف الراحل وقومه حلولاً من وحي الخيال ولا يمكن تطبيقها ، وأتمنى أن يقوم الوزير القادم بإستصدار قرار بمجرد الجلوس على الكرسي الدوار يلغي فيه ما يسمى بإستراتيجية الكرت الأصفر الذي ارتأى أحدهم أن يكون هو الحل الأمثل والمعجزة المحققة لسحق السلبيات الموجودة في الغرفة الصفية والمدرسة بشكل عام .. ! وهنيئاً لنا بالوجوه الجديدة في حكومتنا الطازجة لأنها وبلا رتوش ومساحيق أعتقد غير جازم بأنها ستكون جديدة في البداية إلا أن تكمل الأربعين فتزول عنها ألحان القدرة على التغيير ...؟!! لست متشائماً ولكنني أفترض الأسوأ حتى لا أتفاجأ بصغائر الأمور والهفوات ، وأحلامي تسبق الواقع .. وعاش الأردن في أمته العربية حراً وصامداً وليخسأ الخاسئون .


اعجبني الموضوع فاحببت ان اضيفه الى المنتدى

لقد كفى ووفى في شرحه عن واقع المعلم ونامل الاستجابه من اصحاب المعالي والعطوفه