لا تميل عن السطر...

هذا ما كتبته الكاتبة م. أسماء عبد الفتاح الخريسات ... ووضعت له عنوان "ابنة التمهيدي ومهارة ضبط النفس" ...لكنني اضع له عنوانا يناسبه برأيي أكثر...وهو " لا تميل عن السطر"


أود طرح موضوع قديم جديد, كلما ظننا أننا قد تجاوزناه تطل علينا من الأفق تداعياته. ما أود طرحه هو منهجية وأساليب التعليم في الاردن وخاصة في الصفوف الأولى.ابنتي ابنة الخامسة تفاجئني بين الحين والحين بما تختزنه من صور عن المدرسة والتعليم. ويُعتصر قلبي لإدراكي أن ما تقوله إنما هو حديث الذات تتلوه الطفولة والبراءة بصوت مرتفع ولكنها تحفره بالذاكرة وتبني بها الذات.

ابنتي لا تعاني من نقص الرعاية في البيت أو المدرسة ولا تعاني من كادر تعليمي غير مؤهل أي أن معلماتها اليافعات قد تأهلن ومررن بالتدريبات المطلوبة للعمل في مدرسة خاصة، بل إن ابنتي تعاني مما ذكرت. معلمات يافعات نبذن الكتب والتدريب وصبغن أنفسهن بصبغة معلماتهن او مديراتهن ممن لم يتح لهن من التدريب والتأهيل التربوي إلا القليل وغالبا ما يحدث ذلك لضغوطات ادارة مازالت متمسكة بسلطوية المدير وجمود المناهج.

و إليكم المثال التالي, تسألني ابنتي يوما إذا كنت أتقن" الجلوس بدون نفس" وشرحت لي الفرق بين التنفس الطبيعي و"النفس"!

ومما المني أن ابنة الخامسة التي استنكرت على المعلمة استعمالها للصوت المرتفع في بداية العام قد خضعت للتدجين وأخذت تبرر ان البعض يستحق أن يعامل بهذا الأسلوب بعد عدة أسابيع من بدء الدراسة.

ذهبت يوما للحوار مع مديرة البرنامج غير شاكية بل مستفسرة لماذا تُشغل ابنة الخامسة معظم اليوم بالكتابة على السطر ولا تنال نصيبا وافيا من النقاش والاستكشاف وتنمية الفضول العلمي وجاءني رد أصمتني وأقنعني بأنه لا جدوى عن النقاش, إذ قيل لي: أنت لا تعرفين أن ابنتك تقضي وقتا طويلا في استكشاف كتابة الحرف بالمعجون وليس بالقلم والسطر فقط!

و السؤال الذي يجول في ذهني, هل سيكون مستقبل ابنتي أفضل لو كتبت قصيدة أو رسمت لوحة أو سجلت اختراعا وقد مالت عن السطر أم أن لا يكون بوسعها إلا إتقان النسخ ونقل ما يكتبه وينسجه الآخرون ممن وفقوا في بقعة بعيدة في العالم بمعلمة تسمح بالتنفس والخربشة والاستكشاف والخطأ ايضا؟

وأوقّع بدمعة اسكبها على جيل المستقبل وابنتي.