بعافية عام جديد..!

لا نحب الاستغراق في الماضي، ولا العيش أسرى له، مهما كان هذا الماضي مشرفا أو معيبا، سعيدا أو حزينا، فقد أصبح في ذمة التاريخ، فالافضل أن نفكر فيما سيحدث غدا، أو ما يجب أن يحدث.

طبعا نحنّ الى الذكريات، ونستشعر متعة في استعادة بعض التفاصيل، ولكن حين نقع في هذه الحالة، نكون على دراية تماما الا أنها صفحات قد طويت، وقد فتحت مكانها صفحات وصفحات.نضع ذكرياتنا في ألبومات صور أو في مقتنيات معينة، نعتز بها، ونحتفظ بها في ركن خاص، ولكننا لا ننصرف اليها في كل لحظاتنا، ولا نضيّع ساعاتنا في تصفحها، فإن فعلنا ذلك توقفنا عن ممارسة الحياة ومتابعة تطورها.

يمضي العمر وإيقاع الحياة يتباطأ،وما كان ماثلا في الذهن يتلاشى،الذكريات تصبح باهتة، وصور الماضي يكتنفها الضباب، فلا تبقى الا صور هلامية،ينظر المرء الى الأمام فيجد ان المساحة قد تقلصت والخيارات محدودة.

يحاول الكل منا أن يتمسك باللحظة،يقتنص منها أقصى استمتاع.

قبل أن يودّع عامه، أما أنا فاسمحوا لي أن أودعه بطريقتي،لذا سأنفض غبار عام كامل في منفضة أحشائي، والتي طالما احتوت الاشياء، لأحمل دلوا مليئا بالأصداف المختلفة فوق رأسي، وأسير فيه الى هضبة عام جديد، وأصعد قمم جباله النيزكية.. الى بانوراما الوجوه والوجود هناك.....

لأجد راية الصباحات الجديدة وقد غرست في صميمها.

سأرمي دلو ثلاثمئة وخمسة وستين يوما ودقيقة المدجن،خلف ظهري، سأحوّل جسدي الى شظايا نيزكية متفقا مع ايائل روحي، احتفاء بانقضاء هذا العام الذي جعلتني أيامه بثاني أكسيد الألم الذي قصصه حية الى حين. سأودع هذا العام الذي سرق مني صباحاتي الطافحة بالبهجة، كما سرق احتفالي الحقيقي بالحب واللعنة.

سألعن هذا العام دوما الذي جعل صديقة قديمة تظهرني طفلة بلهاء تتباكى على الأطلال...

سأرش خلف ظهري بعثرة اللطام الازرق، لأخرج من عالمي البرزخيّ متوجهة الى ذلك الحانوتيّ الذي وعدني يوما بصنع تابوت لحدي ببراعة، وأنه لطالما سيكون مريحا.

سأفجر بقايا أساطيري خلف هذا العام !!!

آن الآوان... دقت الطبول،اقترب الوقت، أزفت الآزفة...

سأرحل بك يا عام، وٍسأصفع الباب خلفك بقسوة، سأنهض بعافيتي النيزكية، كي أصافح عامي الجديد، وأعانقه بوعد تباشير الصباح الأكثر أملا ودفئا، على أنغام فيروز « انا عندي حنين...»

كل يوم هو نهاية عام قبله وبدايةعام جديد لما بعده
هيا ايام تدور على اعمارنا اي كانت مسمياتها