عرب الحمايدة القبيلة العربية البدوية الملتهبة تاريخيا عزة وكرما ،المنتشرة في جبال الكرك ومادبا والطفيلة ، لن اتحدث عنهم بلساني اذ ان شهادتي بهم يجرحها خؤولة ونسب ورفقة طيبة وحسن جوار ،ولكني ساتحدث بلسان اعجمي ممن زاروا المنطقة في فترات الضياع وغياب السلطة حيث افول نجم الدولة العثمانية، وظهور القبائل كمنظومات اجتماعية وسياسية تمكنت من تدبير شؤونها بحكمة وحنكة شيوخها وكرمها وتسامحها.
قبل نحو مائتي سنة وتحديدا في عام 1804 زار الرحالة الفرنسي المولد جون لويس بيركهارت بلاد الشام والحجاز ومصر والسودان ووضع احدى روائع كتب الرحالة التي وصفت المكان والزمان والسكان برز فيها جزء من تاريخنا وما امتاز به الاردنيون من سماحة وخلق وكرم وانسانية، وفي معرض حديثه يذكر الكاتب عرب الحمايدة بما هم اهله اذ يسرد الرحالة السويسري ثلاث قصص تصف كرم الحمايدة وشهامتهم.
يذكر هذا الرحالة اقامته لدى عائلة حميدية حيث كان بضع امتعته عندهم بينما يتجول هو وفريقه في المناطق التاريخية والاثرية،وقد امضى اياما بضيافة الرجل وعندما هم بالرحيل وجد ابنه الصغير في البيت فاراد ان يكرمه فاعطاه بضعة قروش ذهبية ورحل ،وبعد مسير ساعات واذا بالبدوي الحميدي يتبعه على جمله ليعيد له نقوده غاضبا وموبخا )ماذا تريد ان تقول عني العرب اخذ بدل ضيافته ،والله لو كان ابني يدرك معناها لقتلته)،وهنا يقول بيركهارت
واقسم ان بيت هذا البدوي ليس فيه حبة من قمح او قطرة من سمن).
كما يذكر بيركهارت ايضا انه وفي احدى زياراته لشيوخ بني حميدة وبعد ان اقام ليلته مكرما في مضاربهم علم في اليوم التالي ان شيخهم قد تعرض لطعنة قاتلة،كان يئن منها انينا يقطع نياط القلب حتى ادركه اجله، ولم يخبروه حتى لا يفسدوا عليه ضيافته .
اما الواقعة الثالثة ان هذا الرحالة قد زار احدى المدن في دولة مجاورة(نعرض عن ذكرهها احتراما لاهلها الطيبين) وبعد ان ذاق الامرين من اهلها يقول ) وجدت فيها اناس يدعون انهم عرب وحاشا لله ان يكونوا عربا ، العرب الاقحاح اؤلئك الذين عرفتهم في بادية الشام وتحديدا في مضارب بني حميدة الذين لن انسى ما حييت ما بلغه جودهم وكرمهم ).هؤلاء هم اهل الجود (هلا الجود) قبائل بني حميدة ،
لقد كانت القبائل والعشائر حاضنة خير ،تفوح طيبا كحامل المسك ،وكان لزعماء القبائل وشيوخها اهتماماتهم التي تتجاوز حدود القبيلة الى حدود الوطن الكبير والامة،وتشهد لهم اعواد المشانق التركية التي حملت رؤوس احرار العرب الذين كانوا يهتفون على اعواد المشانق ان طاب الموت يا عرب والمنية ولا الدنية ،وبينهم من شيوخ بني حميدة منصور بن طريف وثلة من اخوانه شيوخ الكرك وبني حميدة.
نسوق هذا الكلام غيضا من فيض تاريخنا الطيب وفي الحلق غصة مما الت اليه قبائلنا وعشائرنا من تعصب وتناحر في بوادينا وقرانا، وكثرة مجالينا التي اصبحت تفوق اعداد قرانا (ولدينا من الهم بعضه ) متجهين الى كل عشائر بني حميدة واخص شيوخ عشيرة القويدر والاخ النائب السابق محمد الحمايدة ( ابو صالح) بما عرف عنهم وما توارثوا من تسامح واصالة ان يضربوا المثل في تسامح الاقوياء مع ابناء عمومتهم وخؤولتهم وانسبائهم عل غيرهم من الخيرين الطيبين اصحاب الدم يقتدي ، فهل تفعلوها ، وهل تفعلها عشرات العشائر والعائلات الاردنية ممن لديها حالات مماثلة .
لقد عانينا ولا زلنا في بلدتي الجديدة، وها انذا اعيد نشر فقرة من مقال كنت نشرته وقتها على اثر ما حدث اتركه لحصافة وفهم القاريء الكريم (هذا زمن يقف فيه الحليم حيرانا مما يسمع ويرى ،نزق وطيش وسلاح، ولم يعد احد يطيق احدا ،ما كانت ستحله كلمة او عتاب او فنجان قهوة لم يجد غير رصاص غادر من سلاح غادر من ايدي غادرة، شباب من خيرة اهل البلدة علما وخلقا يموتون بلا سبب ، واخرون يعانون، وبيوت تحترق بعضها لا تجد فيها النار شيئا تاكله،وعشرات العائلات مشردة بلا ماوى، او ماكل او مشرب القي بهم في المنافي وبعضها ما كانت لتقيم اودهها بلقمة في بيوتها فما بالك بحالها وهي بلا بيوت .)
فهل من مدكر ؟؟؟