القطيع
ذكريات....
كنت ذات يوم تلميذا في الابتدائي/ كنت واحدا من قطيع بائس يذهب كل صباح الى المدرسة على مضض, ولمجرد أن يتعرض هناك لعمليات تنكيل يمارسها معلمون حاقدون للغاية:كان الجميع كذلك, فالأب متجهم, والأم تشتم بوقاحة متناهية, والشارع مريب,وطاقم العائلة نام دون عشاء: لقد اكتشفنا(الطبيخ) في وقت متأخر نوعا ما.
أفكر هكذا:لم نكبر, ولكنا نجونا .
المدرسة بحد ذاتها عقوبة , والمدير شرس, ومربي الصف تلقى هدية عي عبارة عن (مطرق رمان) يضربنا به على المؤخرة, ومراسل المدرسة جاهز عندما تقتضي العقوبة استخدام (معدات): الحبال في المقدمة/ المجريات كانت توحي أن الغاية هي اجتثاث الطفولة من جذورها.
نضع هذا جانبا, ونتكلم عن المعلم الجديد الذي جاءنا البارحة.
اذكر انه كان طويل القامة , قويا, وهناك شرر يتطاير من عينيه: أدركنا حالا أن الرجل ليس سهلا, فجفلنا بصورة جماعية, وصرت لا تسمع سوى وقع قدميه الكبيرتين في الغرفة, ونبض قلوبنا في الصدور.
لم يتكلم مطلقا, بل ظل يرشفنا بنظرات سحقتنا تماما, ولكنه تكلم أخيرا, ببساطة, هكذا
أنت. قف . اسمك الكامل, وبلدك, واسم أمك ). فوجئ التلميذ بالطلب المتعلق باسم الأم. فوجئنا جميعا. كارثة. أن اسم الأم عار وعيب ويمكن أن يجعل التلميذ ذليلا الى الأبد . الولد مرتبك ومصعوق ,والمعلم مصمم. ثم انفجر التلاميذ في الضحك عندما قال الولد أن اسم امة (قطنه). وانفجرنا مرة أخرى عندما قال احدهم (شيخه),(بهيجة) , (فلحه) و (ذيبة).....وهكذا.
جاء دوري : من السخف أن اعترف بالحقيقة في هذا الجو الصاخب , مع قناعتي أن اسم أمي معتدل ( حليمة ) . بقيت ساكتا الى أن كرر المعلم الطلب بجلافة متناهية. فوجدتني أقول : (سوسن) . وندمت.
من مقالات الكاتب الاردني محمد طمليه