إعداد عبدالكريم الخلايلـــه
25 / 12 / 2008
يقع " جبل مكاور " في جبل بني حميدة ، في الجهـة الجنوبية الغربية من محافظة مأدبا ، وعلى بعد حوالي 30 كم منها ، حيث يبعد عن العاصمة عمـــّان حوالي 75 كم ، ويرتفع هذا الجبل عن سطح البحر مايقارب من 750 مترا ً ، وبالتالي فهو يرتفع عن سطح البحر الميت حوالي 1125 مترا ٌ ،وتحيط بهذا الجبل المخروطي الشكل ، التلال ، والهضـاب ، والوديان ، والكهوف ، إضافة ً إلى وقوعه بين مناطق زرقاء ماعين ، ووادي الهيدان ، وشرقي البحر الميت .
قلعـة مكاور تتربع على قمة الجبل قلعة ٌ تسمى " Machaerus " (ميخاروس ) ، والتي لم يبق منها إلا ّ بعض ٌ من آثارها مثل بقايا القصر ، والبيوت ، والكنائس ، والأبراج ، والأقواس ، والأقنية ، والأعمدة ، والساحات ، والحجارة الضخمة ، والفسيفساء، والحمامات ، وهي القلعة التي شهدت مأساة قطع رأس " يوحنا المعمدان " عام 30 ميلادية .
تشيرالكتابات التي وجدت على قطعة من فسيفساء ، إلى أن بناءالقلعة يعود إلى عام 90 قبل الميلا على يد القائد الحشموني المكابي " الإسكندر جانيوس " لتكون مركزا ً لمقاومة الرومان ، وصد غزوات الأنباط ،. إلا َ أن الرومان إستولوا عليها عام 57 قبل الميلاد وعملوا على تدميرها ، على يد القائد الروماني " بومبي " ، لكن " هيرودس الكبير " ( 25 ــ 13 قبل الميلاد ) سيطر على القلعة ، وأعاد بناءها وبنى عليها سورا ً ضخما ً، واتخذ منها قلعة ً للمراقبة ومكانا ً للراحة والإستجمام ، فهي قريبة ٌ من المياه الحارة في منطقة " الـزّاره " وقريبة من المياه العذبة . وبعد ذلك آلت القلعة إلى إبنه " هيرودوس أنتينياس " الذي تسلم مقاليد الحكم ، ثم دخلتها الجيوش الرومانية بقيادة "لوسيوس باسوس " في عام 71 ــ 72 ميلادية ، فحارب من لجأ إليها من اليهود الهاربين من فلسطين ، وقتل وسبا منهم الكثير . ثم قدم إليها الرهبان المسيحيون واستوطنوا فيها ، حتى القرن التاسع الميلادي ، وبعدها بقيت المنطقة منسية ً عشرة قرون ٍ ، إلى أن تم إعادة إكتشافها عام 1964 م من قبل البعثة الفرنسـيسـكانية ، وقد زارها الرحالة سيتزن عام 1807 م والرحالة الدكتور ترسترام عام 1872 م كما زارها علماء ٌُ من المعهد الفرنسيسكان في القدس بين عام 1978 م و 1981 م ، ، وبعد زيارة البابا للأردن في عام 2000 م، قرر الفاتيكان إختيار " مكاور " مكانا ً معتمدا ً للحج المسيحي .
النبي يحيي عليه السلام ( يوحنا المعمدان ) .
يعتبر نبي الله يحي عليه السلا م ، هو نفسـه يوحنا المعمدان في الديانة المسيحية ، وقد وُلد من أبوين صالحين هما نبي الله زكريا ، واليصابات التي كانت عاقرا ً ، فقد دعا زكريا ربه أن يرزقه ولدا ً ، حيث يقول سبحانه وتعالى في سورة الأنبياء " ... هناك دعا زكريا ربه ، قال رب هب لي من لدنك ذرية ً " فاستجاب له جل شأنه ، فقال تعالى " يا زكريا إنا نبشرك بغلام ٍ إسمه يحيا ، لم نجعل له من قبل سميا " كما ورد عنه في سورة مريم قوله سبحانه وتعالى " يايحيا خذ الكناب بقوة " و " آتيناه الحكم صبيا " و " حنانا ً من لدنا وزكاة ً وكان تقيا ، وبراً بوالديه ، ولم يكن عصيا ، وسلام ٌ عليه يوم ولد ، ويوم يموت ، ويوم يبعث ُ حيا " ، كما أشار الرسول عليه الصلاة والسلام بقوله" ... الشهيد إبن الشهيد ، يلبس الوبر ، ويأكل الشجر ، مخافة َ الذنب "
فقد كان يعرف عنه أنه عاش في البراري ، وكان ورعا ً ، أمينا ً ، تقيا ً ،
معروفا ً بالحكمة ، والإقبال على المعرفة ، والعبادة ، والخوف من الله عز ّ وجل ، كما كان يبشر بمجيء المسيح ، ويقول " توبوا ، فقد إقترب ملكوت السماء " وكان يقول " أنا أعمّدكم بالماء ، أما هو فسيعمدكم بالروح القدس " ، وعندما بلغ " يسوع " الثلاثين من عمره ، حضر من الجليل إلى الأردن وتعمـّد علي يدي يوحنا المعمدان ، في المكان الذي يعرف اليوم بــ " المغطس " شمال البحر الميت .
ألقابه
كان يطلق على يوحنا المعمدان عدة ألقاب ٍ منها : ـ
ـــ النبي
ـــ المنادي بالتوبة
ـــ السابق
ـــ الصابغ ( المعمـّد )
ـــ الغيور
ـــ الشاهد
ـــ المشهود
مقتل يوحنا المعمدان
وردت أخبار مقتله في الأناجيل الثلاثة ( متـّى ومرقص ولوقا ) ، إذ يُروَى أن الملك " هيرودوس أنتيباس " كان يرغب الزواج من " هيروديا " وكانت زوجة أخيه " فيليبس " ، الذي أنجب منها إبنته " سالومي " ، والتي أعجبت الملك بجمالها ، وهي أيضا ً طمعت بالملك "هيروديوس أنتيباس " وكانت أمها تشجعها على ذلك ، وعندما إستشير " يوحنا المعمدان " قال للملك : " لايحل أن تكون لك إمرأة أخيك " فغضبت هيروديا ، وغضب الملك من أجلها ، فما كان منه إلا ّ أن أمر بتوثيق " يوحنا المعمدان " والزجّ به في السجن ، إرضاء ً لها ، إلى أن أقيم إحتفال كبير ٌ بيوم ميلاد الملك ، الذي دعي إليه العظماء والقادة والوجهاء ، وفي حفل العشاء ، طلب من سالومي أن ترقص في الحفل ، وأقسم هيرودوس ؛ أنه سيعطيها مهما طلبت ، وقال " لأعطينك كل ماتطلبين حتى ولو كان نصف مملكتي " ، فاستشارت أمها ، التي أشارت عليها بأن تطلب " رأس يوجنا المعمدان " فوافق الملك ، وأرسل السيّاف إلى يوحنا في السجن في قلعة مكاور ، فقطع رأس يوحنا ،وأحضره على طبق ٍ وقدمه الملك إلى هيروديا ، والدة سالومي ، ويشار إلى أن ذلك حدث في 29 آب من عام 30 ميلادية .